حسن بوسرحان
تقف غابة بوسكورة، الغابة الحضرية ;على مساحة 3000 هكتار ; اذ غُرست هذه الغابة في ستينات القرن الماضي فكانت ولا تزال رئة المدينة، والمتنفس والمعبر الوحيد لزوارها بعيداً عن التلوث الضوضائي، حيث تتميز بتنوع بيئي مهم يضم أنواعا مختلفة من الحيوانات والنباتات أهمها أشجار الأوكاليبتوس والصنوبر الحلبي.
لكن لم تكن غابة بسكورة خلال الخمس السنوات الأخيرة في مأمن من تقلبات الزمن، سنوات عجاف من الجفاف تركت أثرها جليًا على الأشجار، فجعلت الجذور تضعف، وسمحت للرياح بأن تسقطها كأوراق خريف منهكة ; هنا، كان لابد من تدخل عاجل، فانبثق مشروع طموح يحمل بين طياته الأمل: مشروع إعادة تأهيل الغابة، ليس فقط بغرس أشجار جديدة، بل بإعادة الحياة إلى ما فقد بريقه.
فكيف أثر الجفاف على الغطاء النباتي لغابة بسكورة وما هي استراتيجية هذا المشروع؟
نداء الأرض: تحديات الجفاف
عرفت غابة بوسكورة خلال السنوات الأخيرة جفافا حادا أتى على مساحة شاسعة من أشجار الصنوبر الحلبي وعلى أشجار الأوكاليبتوس بأقل حدة، ولمعاينة الموضوع عن قرب توجه فريق الصحافيون الشباب لثانوية أبي شعيب الدكالي التأهيلية ابن امسيك للغابة لإجراء مقابلة صحفية مع السيد عزيز حنفاوي رئيس منطقة القرب الغابوية بسكورة -مديونة, الذي أشار في معرض جوابه عن سؤال حول كيفية تأثير الجفاف على الغطاء الغابوي «أن توالي سنوات الجفاف المتتالية أضعفت أشجار الغابة وجعلتها عرضة للأمراض ولهجمات الحشرات والطفيليات مما أدى الى ذبولها واقتلاعها” ، لتؤكد السيدة احسان عامر ;رئيسة مصلحة الشراكة و التعاون بوكالة المياه و الغابات الإقليمية الدار البيضاء ; أن الجفاف أدى الى ظهور نوع من الخنافس كخنافس اللحاء Scolyte التي تحفر في لحاء أشجار الصنوبر الحلبي و خنفساء الأوكالبتوس Phoracantha semipunctata ;حفّارة الأوكالبتوس حيث تحفر أنفاقًا تحت اللحاء، مما قد يؤدي إلى إضعاف الشجرة وموتها في النهاية.
غابة بوسكورة: تستعيد أنفاسها: مشروع يعيد الحياة للغابة
أمام كل هذه التحديات الخطيرة التي تصببت في خسارة صافية على التوالي، توجه مجموعة من المهندسين والتقنيين الغابويين للوكالة لإطلاق “برنامجً استعجالي”, قصد إعادة تجديد الغطاء النباتي للغابة وذلك عبر مراحل مهمة، ولمناقشة مراحل هذا المشروع اتجه فريق الصحفيون الشباب صوب السيدة رفقة الإسماعيلي ; المديرة الإقليمية للوكالة التي أفادت أن المشروع يتناول ثلاث محاور أساسها:
حيث يتم خلال المرحلة الأولى تنقية وإزالة الأشجار الميتة والساقطة التي شوهت جمالية المكان على مساحة 150 هكتارًا للحد من انتشار الأمراض، حيث يتم نزع جذع الشجرة بذل قطع جذورها وذلك لتحقيق استقرار نموها ومن خلال هذا يتم بيع تلك الاشجار لمنتجي الوقود او الخشب او استخدامها للتدفئة
ثانيا: اعتماد الزراعة الحراجية كنظام زراعي مستدام على مساحة 3000 هكتار، وذلك لتحقيق توازن بين الحفاظ على الطبيعة وحاجة المجتمع الى الموارد، فتمت وزُرعت مساحات متضررة بأصناف جديدة تتأقلم مع المناخ القاسي.
ثالثا: إعادة التشجير بغرس بأصناف جديدة تتأقلم مع المناخ القاسي، مثل الخروب والعرعار المغربي على مساحة 700هكتار..
ومن المقرر أن تتم هذه البرامج خلال سنة 2025-2026 مما يعكس التزام الوكالة الوطنية بإعادة البناء الغابوي الحد من انتشار الأمراض وضمان جودة بيئية خالصة.
عملية تجديد الغابة: عملية مستمرة.
) إن عملية تجديد غابة بسكورة ليست وليدة اللحظة بل هو عمل مستمر ومتجدد, هو استمرار لمشروع تم سنة 2020 تم خلالها تخليف الصنوبر الحلبي (تصريح للسيد عزيز حنفاوي اذ تم المشروع بشراكة مع جمعية مدرسي علوم إذ شارك من خلالها مختلف المؤسسات التعليمية كمؤسسة أبي شعيب الدكالي التأهيلية.
البنية التحتية الترفيهية
والى جانب هذا أخذ صرحت السيدة عامر احسان أن المشروع يضم برنامجا ثانيا يهم البنية التحتية الترفيهية وذلك من خلال إعادة تدبير واصلاح المرافق العمومية وهذا كله في إطار تجديد الغطاء الغابوي لغابة بوسكورة واعادة احيائها.
انخراط الصحفيون الشباب
لكن المشروع لم يتوقف عند إعادة التشجير فقط، بل تطرق إلى حلول أكثر ابتكارًا. وهنا برز دور اقتراح الصحفيين الشباب، الذين لم يكتفوا برصد الوضع، بل تقدموا بمقترحات عملية لحماية الغابة. من استحسانًا، كانت فكرة تطوير تطبيق ذكي قادر على تحليل جودة النباتات واكتشاف الأمراض التي تصيبها قبل تفاقمها. يعمل التطبيق عبر كاميرا الهاتف، حيث يتيح للزوار والمسؤولين التقاط صور للأشجار وتحليلها باستخدام خوارزميات متقدمة، مما يساعد على التدخل السريع ومعالجة المشاكل البيئية قبل تفاقمها.
رسالة إلى المستقبل: مسؤوليتنا جميعًا
لا يمكن لغابة بوسكورة أن تستعيد عافيتها دون وعي مجتمعي يكرس ثقافة الحفاظ على البيئة ; الأمر لا يتعلق فقط بزرع أشجار جديدة، بل بزرع فكرة أن هذه الأرض ملك لنا جميعًا، وحمايتها واجب لا يسقط بالتقادم. فحينما نُحافظ على الغابة، نحن لا نُنقذ الأشجار فقط، بل نحمي مستقبلنا، نُعيد للطبيعة أنفاسها، ونكتب للأجيال القادمة قصةً جميلة عن كيف انتصرت الإرادة على الجفاف، ومتمنين رؤية الغابة تعود إلى مجدها السابق، واحةً خضراء تروي عطش المدينة.
فريق العمل
زينب الفنيدي مرزاق يحي
دعاء جودت عثمان عاطر
تأطير
الأستاذة رجاء حمدي
ثانوية أبي شعيب الدكالي التأهيلية ابن امسيك


المصدر : https://www.almachhadalialami.com/?p=13358