كل عام وأنا بالف خير
————————-
أليس غريبا أن تقضي كل هذه الاعوام 59 ، فلا تجد لها اثرا غير تلك الشاهدات الملطخة بألوان الحبر و الأختام وكتير من الخربشات .
أين رحل كل الناس الذين أحببتهم ؟ كأني لازلت اسمع أصواتهم .. ضحكاتهم .. ثرتراتهم الصاخبة التي كانت لا تنتهي ؟ .. لكن أين هم الآن ؟
ترى هل لف الزمان كل تلك العواطف الجياشة التي جمعتنا ؟ ودفنها في مقابر النسيان؟
هل تساقطت كل تلك اللحظات من عمق الذاكرة كما تتساقط أوراق الخريف ؟
كلا .. لازلت أرى بقايا تلك الصداقة البريئة ودلك الحب العظيم .. نعم لازالت تتمتل لي آهات وزفرات ..
حتى هي لازلت أحملها في قلبي تؤرقني وتشغل بالي .. بل وتنتابني كاحلى سكرات العمر .
مستحيل أن تضيع كل تلك البذور التي زرعتها وسقيتها بيدي ؟
نعم ، كنت أريدها غلة احصدها ، وافرح بها كما يفرح الفلاح بمحصوله نهاية الموسم الفلاحي ؟
كان دلك ممكن ان يقع .. نعم كان قاب قوسين أو أدنى لولا داك الشيئ الذي لازلت أجهله رغم مرور كل هذا الوقت ؟
لقد وجدتها فتاة انفردت بها العزلة وسكنها الانطواء ، فما كان من السهل ترويضها على حب الحياة.
وهي التي صارت تجد لذة في البكاء وتفرح بالدموع وتتأثر لاتفه الأشياء…
لكن مع الأيام ، أصبحت تأنس بي وادمن على رؤيتها في اليوم عشرات المرات.
الان ،استحضر هذا واكتر، واقولها وانا أقف على منتصف العمر ؟
بأني كلما لمحت عيني طيفها أكاد أصيح .. يا ناس : هذا لي .. يا ناس هذه المرأة تخصني.
أقولها لولا نقاب الماضي الذي ظل يحجب عواطفي المدفونة.
أقولها ، كما فعلتُ وقتها حين كان الجميع ينتظرها مني .. لولا أن واجهوني بالتأفف و الخدلان .
لقد سامحتهم إلا هي .. ستبقى في نظري مدنبة في حق كل الأيام التي تواعدنا فيها على بياض القلب وصفاء النية .. .
لدلك ستبقى قصيدة مكتوبة في طيات الزمن لا تمحيها غيوم الشتاء و لا أشعة الشمس ..
ستبقى خالدة ترددها صدى الأعوام و السنين.
صحيح أن تمة فرق بين ان تكبر بالعمر وأن تكبر بالعقل :
أن تكبر بالعمر معناه أن تكتسب الخبرة والتجارب مع تقدمك في السن ، وأن تكبر بالعقل معناه أن تحرز الحكمة والرزانة ..
لكن ما العمل وقد أصٓر بحر ذاكرتي إلا أن يلفظ لي بهذه الحكاية الحزينة والتي ما كتبتها قط ، ربما لاني ما كبرت أحاسيسي ولا شاخت ؟ ؟
عذرا أصدقائي إن كنت قد أخرجت لكم بعضا من صدى الأمواج وهي ترتطم بغياهب الكهوف المظلمة ..
عذرا مرة أخرى وأن كنت سأقول لنفسي – رغم كل ما ذكرت – كل عام وأنا بالف خير .
المصدر : https://almachhadalialami.com/?p=12237
